الخميس، 2 ديسمبر 2010

سقوط .. (حدوتة).



" الدنيا كالسلم ..كلما صعدت درجاتها أكثر كلما كان سقوطك من عليها مدوياً .. مؤلماً .. بل ربما كان قاتلاً "
كانت كلمات قليلة سمعها منذ زمن بعيد ولازالت أصدائها تتردد في أذنيه .. صدق تلك الكلمات إلى درجة الإيمان حتى سيطرت على حياته تماماً .
والآن بعد أن ضاع العمر .. وبعد أن شاخ الجسد .. وجد نفسه وحيداً فى المؤخرة لأنه وحده - رغم كل السنوات الضائعات - مازال يخشى السقوط!

الأحد، 7 نوفمبر 2010

خلطبيطة .. رواية مملة .. جداً



الشخصيات:

أ ب س ص

الحكاية :

الفصل الأول


أ يحب س
س تحب ب
ب يحب ص
ص تحب أ

الفصل الثاني

أ لا يثق فى س
ب يحقد على أ
س تكره ص
ص تتهرب من ب

الفصل الثالث

أ ب س ص

عالمنا العربى وصراعات لا تنتهي ..

حد فاهم حاجه ؟؟!

الاثنين، 27 سبتمبر 2010

بقايا الأمنيات .. (قصة قصيرة).



ألهث بشدة وتئن أقدامي المرهقة كثيراً وأنا أصعد ببطء شديد على ذلك الطريق الغير ممهد والذي يرتفع بصورة تكاد تكون مستحيلة حتى أن خطواتي عليه قد بدأت تتخذ شكلاً رأسياً إلى حدٍ ما مما ذكرني بمشهد تسلق الجبال في أحد أفلام (ستالون).
دخان ضبابي يرتفع ببطء حول أقدامي ويزداد رويداً رويداً مما جعل من رؤية الأرض التي أخطو فوقها أمرٌ صعب للغاية أو ضرب من خيال ، ولكنني بإصرار لم أعهده في نفسي من قبل أستمر مثابراً في الصعود مقاوماً الإرهاق ومقاوماً ذلك العرق الغزير المتصبب على جبيني رغم برودة الجو والتي إزدادت وطئتها حتى أحسست بأنفاسي تكاد تتجمد عند طرف أنفي.
لا أعلم على وجه التحديد إلى أين يأخذني ذلك الطريق ولكنها تلك الرغبة الخفية والملحة التي تضغط على إرادتي فتدفعني للإستمرار وكأنني مسيرٌ تماماً أو مغيب عن الإدراك.
يضنيني المجهود الشاق الذي أبذله حتى أواصل المضي في ذلك الطريق - المستحيل - ولكنني أستمر برغم ذلك وكلي جزل ونشوة وكأنني طفل صغير يعلم جيداً أنه سيجد مكافأته من (البونبون) في نهاية ذلك الطريق.
بدأت ألمح على جانبي الطريق ملامح أشجار يابسة تماماً ترسبت الأتربه على جذوعها وفروعها لسنوات طوال حتى إستحال لونها إلى ما يقترب - وبشدة - من اللون الأسود.
الظلام يتزايد من حولي حتى أصبحت الرؤية عسيرة للغاية إلا أنني أستمر بذات الإصرار في طريقي وكلي أمل أن أصل إلى ذلك الضوء الضئيل المتواضع والذي يظهر بصعوبة على مرمى البصر فى نهاية الطريق والذي قد حسبته بلا نهاية.
خطواتي تتثاقل وتتثاقل ولكنني بلا يأسٍ أستمر .. أغمض عينى في محاولة يائسة لتناسي إرهاقي الشديد بلا فائدة .. وأخيراً أصل .. يرتمي جسدي المنهك على الأرض مستجمعاً أنفاسي ثم أرفع عينين مرهقتين لأتأمل المكان من حولي .. أرض ترابيه متسعة يضيئها مشعل صغير مثبت في قائم خشبى تقاوم نيرانه الهواء الشديد الذي لا أدري مصدره .. أستجمع قواي من جديد لأقف مترنحاً مقترباً من حافة المكان .. تحاول عيني أن تخترق حدود الظلمة بلا فائدة .. كل ما أستطعت أن أراه خلف الحافة هو تلك الهاوية السحيقة التى تبدو بلا قرار .. هاوية مظلمة سوداء تماماً .. أعلم جيداً في قرارة نفسي أنها هدفي المنشود .. أعلم جيداً أنني أنتمي وبشدة إلى تلك الهاوية .. أسمعها تناديني .. تعاااااااااااال .. تعااااااااااااال .. ولا أجد في نفسي القدرة على المقاومة .. فأنا غريب عن هذا المكان .. غريب عن ذلك الطريق الذي أضناني حتى وصلت إلى هنا .. كم أرغب في الرحيل .. أرغب في الذهاب بعيداً إلى أحضان تلك الهاوية .. أقترب أكثر وأكثر من الحافة .. أرفع عيني إلى سماء غير موجوده ..لم يستغرق الأمر الكثير من التفكير .. أرفع ذراعين مفرودتين إلى جانبى وكأنها أجنحة .. أندفع بجسدى إلى الأمام بحركة هادئة .. تبتلعنى الهاوية .. أسقط .. أسقط .. أسقط .. ينهار جسدي متهاوياً في سرعة جعلتني لا أدري هل الأرض حقاً هي من تجذبني نحوها كأم تضم طفلها في حنو أم أنني أنا الذي يجذبها في لهفة العاشقين ..يتجسد أمام عيني الكثير من الوجوه التي مرت بي خلال سنوات عمري .. وجوه مبتسمة ووجوه عابسه .. ضحكاتٌ ونواحٌ وأنين .. صداقات سطحية وعلاقات نسائية عابرة ..صرخاتٌ تخترق أذني تتبعها صيحات إستهجان وشخص غير موجود يتصايح بكلمات نابية .. وجه أنثوي ملطخ بالأصباغ والألوان وكأنه وجه أحد كهنة الهوتو ..
يتعالى الصراخ المختلط بضحكات هيستيرية ساخرة حتى يكاد يصم أذني .. ثم فجأة يصمت كل شئ ولا يبقى أمام عيني إلا وجهين إثنين .. وجه أمي الحنون يتطلع لي في إشفاق وألم .. ووجه ذلك المهرج الذي ولطالما أضحكني في طفولتي بألوانه الزاهية وأنفه المستدير الأحمر اللون . إلا أنه بدا لي تلك المرة دامع العينين باكياً في تناقض مريع.
وأخيراً أتت لحظة الإرتطام ومع تلك الصدمة العاصفة والتي شعرت بها تحطم عظامي إنتفض جسدي مستيقظاً في فراشى مبسملاً ..صمتت قليلاً غارقاً في عرق غزير .. ورغم تأكدي التام من أن ما واجهته كان مجرد (أضغاث أحلام) إلا أن شئ ما في داخلي تمنى لو كان حقيقة .. وعندها فقط .. إبتسمت في سخرية مريرة!

الثلاثاء، 20 يوليو 2010

تكبيرة .. (قصة قصيرة جداً).


على قصاصة ورق متسخة أخذ يرسم شارداً بعض الخطوط الغير متناسقة ، وعلى طريقة المنطق والمعادلات الرياضية أخذ يكتب :
هي = خيانة
أنا = حماقة
هي + أنا = غدر وخيانة وزيف
أنا + هي = فشل وألم و وجع
توقف عن الكتابة متأملاً في صمت ما خطته يداه ثم إنفجر ضاحكاً للحظات وهو لا يدري لماذا يضحك .. صمت من جديد في شرود ثم إنتفض واقفاً وإتجه نحو سجادة الصلاة. توقف قليلاً ثم رفع يديه إلى السماء قائلاً : الله أكبر.

الأحد، 4 يوليو 2010

رمية زهر

- كده راحت يا حلو !
قالها بمزيج من الفرحة الطاغية والتشفي والشماتة لصديقة وهما جالسان على ذلك المقهى المتواضع المضاء بإضاءة صفراء واهنة تخبئ أكثر مما تظهر ، فرد عليه صديقه معترضاً :
- لأ لسه .. وحتى لو راحت ... ما أنا كسبتك قبل كده مليون مرة وياللا ياعم إكسب مرة من نفسك.
لم يستطع أن يعلق على كلمات صديقه فقد كان يعلم جيداً أنه على حق .. إنه لم يربح قط من قبل .. ليس في الطاولة فقط ولكن في كل شئ .. إنه من ذلك النوع الذي لا يربح أبداً .. ولم يسبق له أن حقق أي من أمانيه رغم تواضعها .. حقيقة لم يربح قط.
قضى سنوات طوال يجاوب على أسئلة المسابقات التلفزيونية على أمل أن يربح ولو لمرة واحدة بلا فائدة. تنقل من وظيفة إلى أخرى ومن عمل إلى آخر بدون أن يحقق أى نجاح يذكر.
وحتى الحب فشل فيه فشلاً ذريعاً .. أحبها كما لم يحب من قبل .. وحطمته كما لم يحطم أحد من قبل ... تزوج عله ينساها وأضاع الكثير من السنوات في زيجة فاشلة متهورة مع زوجة أشبه ما تكون بالعاهرات .. دمرت البقية الباقية من حياته وأنهت على سمعته حتى خرج من تلك الزيجة وهو كالمعتاد الخاسر الوحيد.
(بكره تتعدل) كلمة ملها إلى درجة الموت لأنه قد سمعها آلاف المرات حتى أجبر نفسه أن تكف عن الشكوى وتستسلم منهزمة منكسرة ولم يعد له من متفث سوى ذلك المقهى المتواضع والذي يأتيه كل يوم على أمل أن يفوز بأي شئ .. أي شئ .. حتى ولو كان هذا الشئ مجرد (عشرة طاولة).
- رحت فين ؟
قالها صديقه وهو يتأمل قطرات العرق والتي قد تجمعت على جبهته رغم برودة الجو في إشارة صارخة إلى توتره مما دفع صديقه إلى الإسترسال متهكماً :
- إيه يا عم العرق ده كله؟ إنت مش مصدق إنك هتكسب ولا إيه ؟
ورغم لهجة صديقه الساخرة إلا أنه إستقبل الكلمات وهو يعلم جيداً أن الرجل لم يقل إلا الحقيقة ، إزداد توتره أكثر وأكثر وهو يستمع إلى صديقه وهو يقول :
- شوف .. إنت إحتمالات فوزك كبيرة أوى تقدر تقول 99.9% زى الإنتخابات إياها ..بس عموما أنا عندي أمل واحد بس .. 3 دش * ورا بعض.
وجد نفسه يهتف بعصبيه شديدة :- وده طبعاً مستحيل.
صمت صديقه قليلاً وهو ينظر مباشرة في عينيه الزائغتين ثم تحدث قائلاً :
- رمية الزهر مفيهاش مستحيل .. رمية الزهر زي الدنيا إللي إحنا عايشين فيها ..فيها كل شئ ممكن ..رمية الزهر زي الحظ ..ساعات بتدي كل حاجه وساعات بتاخد كل حاجه.
وصمت قليلاً وسرح بناظريه بعيداً ثم إسترسل قائلاً بصوت خفيض :- صدقني يا صاحبي حياتنا كلها عشرة طاولة، وفي كل يوم بنرمي الزهر ونستنى الدش إللي يخرجنا من همومنا ويحل كل مشاكلنا لكن للأسف زهر الحياه مفيش فيه دش ، ومع إننا عارفين ده كويس لكن بنحلم وبنعشم نفسنا ودايماً نقول (بكره تتعدل).
صمتا تماماً وسرح كل منهما مع أفكاره حتى قطع صديقه الصمت قائلاً : - ياللا نكمل .. خليك فاكر أنا محتاج 3 دش.
صرخ في أعماقه قائلاً بلا صوت :- لن تربح هذه المرة .. أنا الفائز لا محالة.
شعر بوخز بسيط فى صدره وهو يرى صديقة يلقي بحجري الزهر وتابعهما ببصره وهما يتخبطان على سطح الطاولة الخشبى ..توقف الأول عند الرقم 6 أما الآخر فإستمر يتخبط كثيراً ثم توقف ببطء أيضاً عند الرقم 6.
- الله أكبر.
قالها صديقه متحمساً بسعادة ثم أستطرد قائلاً : دي أول حاجه لسه إللي جاي أكتر وزي ما بيقولوا أول الغيث قطرة.
إزداد الألم في صدره تدريجياً مع رمية الزهر الثانية ثم إنتفض جسده بقوة وهو يرى زوجاً جديداً من الرقم 6 ظاهراً وجلياً أمام عينيه .. ومع صيحات صديقه المتحمسة والتي دفعت كل رواد المقهي إلى متابعة المباراة الدائرة بينهما بدأ يشعر بتسرب الحلم من بين أصابعه .. ليس الحلم بأن يفوز في مباراة الطاولة ولكنه حلم قضى عمره بالكامل يحاول أن يحققه بلا فائدة .. الحلم بأن يشعر بالنجاح .. الحلم بأن يكون سعيداً .. الحلم بأن يتخلص من الفشل الملازم له دائماً ..أحلام كثيرة تم إختصارها ومسخها وتحويلها إلى مجرد الحلم بالفوز فى .. (عشرة طاولة).
أصبح الألم في صدره غير محتملاً ولكنه إحتمله .. أجل إحتمله كما إحتمل الكثير من الألم من قبل .. إحتمله وهو يجمع كل أحلامه في نظرة عينيه والتي إغرورقت بالدموع وهو يتابع صديقه وهو يرمي بالزهر للمرة الثالثة والأخيرة.



*الدش = 6+6

السبت، 19 يونيو 2010

كريم كراميل


لا أدري لماذا تذكرتكِ وأنا أداعب بملعقتي طرف ذلك الطبق الصغير والذي يتوسطه قالب أصغر من الكريم كراميل أجبرتُ إجباراً على تذوقه وأنا الذي قضيتُ عمري لا أطيقه ولا أستسيغه.
كنت في زيارة مفاجأة لأحد الأصدقاء والذي مررتُ بالمصادفة من أمام منزله فتذكرته وعاتبت نفسي على أننى لم أزره منذ فتره طويلة. وهكذا وبعد مكالمة تليفونية سريعة وجدت نفسى جالساً على أريكة نصف مريحة في غرفة الصالون (المذهبة) والتي قد تقشر بعض أجزائها بفعل الزمن أتبادل مع صديقي الذكريات والكلمات والضحكات و أداعب أبناءه الصغار الذين أشبعوني ضجيجاً وصخباً حتى كدت أن أقسم أنهم لا ينقصهم إلا حوافر و أقدام ماعز لأجزم (بشيطنتهم).
وبعد طرقات هادئة على باب الغرفة تقدمت زوجته مرحبة لتقدم لي ذلك الطبق المستدير - والذي لطالما زارني في كوابيسي - قائلة بإبتسامة واسعة : إتفضل كريم كراميل.
لم أستطع الرفض فإبتسامتها الواسعة - والتي قد إلتهمت نصف وجهها - كانت تحتوي على العديد من المعاني في مزيج غير متوائم من الفخر والرجاء. الفخر بأنها قد إستطاعت أن تصنع ذلك (الشئ) المسمى بالكريم كراميل، والرجاء أن أقول أنه أفضل ما تذوقت طيلة عمري.
لم أخيب أملها وتحدثت بلهجة لم تنجح في أن تقنعني أنا نفسي قائلاً أنني واثق من روعته حتى قبل أن أتذوقه.
تشاغلتُ بالحديث معهما وأنا أدعو الله أن تنسى أو تتناسى أنني لم أذقه حتى الآن إلا أنها خيبت رجائي قائلة بإبتسامة محذرة تلك المرة : إتفضل الكريم كراميل.
وهكذا بيد مرتجفة أمسكت بالطبق ورفعته قليلاً وأنا أتأمل ملامحه ولونه الذهبي المكسو بطبقة تميل إلى السواد من أعلى وعندها تذكرتكِ.
أعرف جيداً لماذا أكن كل تلك الكراهية للكريم كراميل وذلك لأنني أراه مزيفاً .. أجل مزيفاً .. لونٌ ذهبي براق .. ومذاق السكر المحترق. والآن .. فقط الآن .. إستطعت أن أربط بينكما (أنتِ والكريم كراميل) فأنا أعلم أنكِ بنفس تلك الدرجة من الزيف .. شكل رائع وطعمٌ محترق.
وهكذا بمزيج من الرفض والإشمئزاز أعدت الطبق إلى المنضدة وتشاغلت بالحديث معهما إلا أنها أبت أن تتركني على هذا النحو وأتاني صوتها الهادئ عنيفاً متحدياً : إتفضل كريم كراميل.

الجمعة، 8 يناير 2010

ربما يكون مغلقاً .. قصة قصيرة


بعد طول غياب إلتقت عيناهما مصادفةً فتوقفا في ذهول .. صمتا كثيراً كثيراً وعيونهما تتطلع كلٌ إلى الأخر في إنبهار محموم .. أختلفت نظراتهما ما بين العتاب والرجاء والخجل و إن ربط بينهما الصمت كميثاق وقسم يمكن قراءتة فى العيون بلا صوت.. تحدث بعد سكون طويل قائلاً ..
- حمد لله على سلامتك.
- الله يسلمك.
- رجعتي إمتى ؟
- من إسبوعين تقريباً.
وصمتت مترددة ثم إسترسلت قائلة بصوت خفيض مرتعش ..
- أنا إنفصلت عن جوزي.
شعر بإنتفاضة قوية تختلج في قلبه حاول جاهداً أن يخفيها داخله لكيلا تظهر على ملامحه وهو يقول ..
- أوه .. ليه بس كده؟
- النصيب.
- معلش.
ومن جديد عاد الصمت ليخيم عليهما حتى قطعته هي قائلة ..
- إنت إتجوزت؟
- لأ.
بسعادة ظهرت واضحة في نبرات صوتها سألته..
- ليه؟
- زى ما إنتِ قلتي .. النصيب.
- رقم تليفونك إتغير؟
- لأ.
- وأنا كمان رقمي متغيرش.
يبتسم إبتسامة صغيرة مرتبكة وتسترسل هي قائلة في دلال ..
- وحشتني.
- و إنتِ كمان.
- طيب أنا مضطرة أمشي .. هستنى تليفونك.
- إن شاء الله.
تنصرف مبتعدة وتتركه وهو لا يدري ما أصابه .. قلبه يخفق في قوة ومشاعر كان قد ظنها ماتت في داخله تستيقظ من جديد .. يتحرك مبتعداً بخطوات بطيئة متثاقلة حتى يصل إلى منزله ويستلقى مسترخياً على مقعده الوثير تاركاً لأفكاره العنان .. ها هي قد عادت بعد غياب طويل ويبدوا واضحاً من كلماتها ونظراتها أنها مازالت تحتفظ بمشاعرها تجاهه أو أن رؤيتها له قد إيقظت داخلها شئ من حنين إليه.. ولكن ماذا عنه هو ؟ هل حقاً ما زال يحبها ؟
يستفيق من أفكاره مع رنين هاتفه المحمول .. يمد يده ويتناوله في هدوء متطلعاً إلى شاشته الصغيرة ويخفق قلبه في قوة .. إنه رقمها .. إنها تتصل به حقاً .. بعد تردد لم يستغرق أكثر من لحظات يجيبها قائلاً ..
- ألو.
- إزيك ؟
- الحمد لله أنا كويس.
- وحشتني أوى.
يصمت فتسترسل قائلة ..
- أنا عارفة إني غلطت لما سبتك و إتجوزت واحد تاني لمجرد إن عنده فلوس كتير .. وأنا دفعت ثمن غلطتي وندمت ورجعت وأنا بتمنى إنك تسامحني.
- ..............
- ممكن ترد على كلامي؟
- ..............
- أرجوك رد عليا.
- أرد أقول إيه؟
- قول أى حاجه .. بس إتكلم .. سكوتك بيعذبني .. أرجوك .. طيب قوللي إيه رأيك نتقابل؟
- حاضر.
- طيب بكره الساعة 6 في نفس المكان إللي كنا بنتقابل فيه .. إيه رأيك؟
- حاضر.
- هتوحشني.
- و إنتِ كمان.
لم يستطع النوم في ليلته تلك .. أخذ يفكر حتى صرخ عقله من الإرهاق .. وبعد طول عناء وبعد أن بدا قرص الشمس واضحاً في السماء استسلم جسده المرهق وراح في سبات عميق.
وحين فتح عيناه كانت الشمس في طريقها للمغيب .. أخذ يفكرفي قصتهما سوياً ..تذكر كيف عاشا قصة حبهما والتي شهد عليها أيام جميلة .. تذكر مشاعره التي منحها لها بلا حدود ..تذكر تطلعاتها وطموحها الزائد ورغبتها في الوصول إلى الثراء بسرعة كبيرة.
تذكر كيف تركته بقسوة شديدة بعد أن منحها عمره كله وكيف قالت له أنها أحبته و أن حبها ومشاعرها نحوه قد أخفت عنها فقره وأنها حين رأت الدنيا بشكل أوضح إكتشفت وجود من هو أفضل منه.
يتسلل إلى أذنيه صوت هاتفه فيلتفت إليه بحركة حادة .. يعلم جيداً أنها هي ..ينظر إلى تلك الساعة المعلقة على الحائط فيجدها قد تجاوزت السادسة بقليل ..بحزم يتسائل .. هل أستطيع النسيان ؟ هل أستطيع الصفح لمجرد أنها عادت بعدما فقدت الكثير والكثير وأصبحت كالتاجر المفلس الذي يفتش في أوراقه القديمة عله يجد فيها ما يخرجه من أزمته .. كان يعرف جيداً أنه ورقتها الوحيدة وأنها ستبذل ما في وسعها من أجل إستعادته من جديد ..تتنازعه الأفكار ورنين الهاتف يستمر بإلحاح.. يداه ترتجفان والعرق يتصبب على جبينه والتردد يقتله .. ركز أفكاره قليلاً وبحسم إتخذ قراره ..مد يده وضغط على زر رفض المكالمة .. صمت قليلاً ثم تنهد بإرتياح بالغ و تحدث لنفسه قائلاً .. عفواً سيدتي .. إن القلب الذي تطلبينه لا يمكنه الرد على إتصالك الآن !